أمر الرشيد بهدم الكنائس والدور بالثغور، وألزم أهل الذمة بتمييز لباسهم وهيئاتهم وركوبهم عن المسلمين في بغداد وغيرها من البلاد.


أوقع الأمير الحكم بن هشام- صاحب الأندلس- بأهل طليطلة، فقتل منهم ما يزيد على خمسة آلاف رجل من أعيان أهلها، وسبب ذلك أن أهل طليطلة كانوا قد طمعوا في الأمراء، وخلعوهم مرة بعد أخرى، وقويت نفوسهم بحصانة بلدهم وكثرة أموالهم، فلم يكونوا يطيعون أمراءهم طاعة مرضية، فلما أعيا الحكم شأنهم أعمل الحيلة في الظفر بهم، فاستعان في ذلك بعمروس بن يوسف المعروف بالمولد، حيث دخل طليطلة وأنسوا به واطمأنوا له، وأشاع عمروس أن عبد الرحمن بن الحكم يريد أن يتخذ لهم وليمة عظيمة، وشرع في الاستعداد لذلك، وواعدهم يوما ذكره، وقرر معهم أن يدخلوا من باب، ويخرجوا من آخر ليقل الزحام، ففعلوا ذلك، فلما كان اليوم المذكور أتاه الناس أفواجا، فكان كلما دخل فوج، أخذوا وحملوا إلى جماعة من الجند على حفرة كبيرة في ذلك القصر، فضربت رقابهم عليها، فذلت رقابهم بعدها وحسنت طاعتهم بقية أيام الحكم وأيام ولده عبد الرحمن، ثم انجبرت مصيبتهم، وكثروا، فلما هلك عبد الرحمن وولي ابنه محمد عاجلوه بالخلع.


تجهز لذريق ملك الفرنج بالأندلس، وجمع جموعه ليسير إلى مدينة طرطوشة ليحصرها، فبلغ ذلك الحكم بن هشام صاحب الأندلس، فجمع العساكر وسيرها مع ولده عبد الرحمن، فاجتمعوا في جيش عظيم، وتبعهم كثير من المتطوعة، فساروا فلقوا الفرنج في أطراف بلادهم قبل أن ينالوا من بلاد المسلمين شيئا، فاقتتلوا وبذل كل من الطائفتين جهده، واستنفد وسعه، فأنزل الله تعالى نصره على المسلمين، فانهزم الكفار، وكثر القتل فيهم، والأسر، ونهبت أموالهم وأثقالهم، وعاد المسلمون ظافرين غانمين.


خرج رجل بسواد العراق يقال له ثروان بن سيف الحروري، وجعل يتنقل فيها من بلد إلى بلد، فوجه إليه الرشيد طوق بن مالك فهزمه، وجرح ثروان وقتل عامة أصحابه، وكتب بالفتح إلى الرشيد، لكن ثروان هرب فنجا من القتل.